التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التنسيق والتطبيع وتجفيف ينابيع الإرهاب ؟! ( نبضات ساخنة 351 )


التنسيق والتطبيع وتجفيف ينابيع الإرهاب ؟!

هذه مصطلحات مستحدثة على قضيتنا، ألقت بظلالها السوداء علينا وقد ابتلينا بها أعظم الابتلاء، فقد عملت قوى الشرّ عليها كثيرا وطويلا بكل ما أوتيت من قوّة وخبث ومكر، والهدف واضح ضرب من يقف في وجههم وتقويض كل عوامل القوّة فينا وضرب روافدنا ومحاضن روحنا: المساجد، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية، والمدارس حتى رياض الاطفال، وكذلك مصادر الدعم المالي وكل ما من شانه أن ينهض بحالنا: التربوي والثقافي والاجتماعي وصولا الى السياسي واشتباك النقيض للنقيض في كل ميادين المواجهة.

وقد تم التركيز كثيرا على أمرين بالتحديد: المساجد وتمويل الانشطة الخيرية.

فالتنيسق والتطبيع هما نتاج عملية سياسية مختلّة القوى والتوازنات، وقد بقي القوي متمسك بغطرسته وصلفه وقد اراد أن يفرض إرادته وشروطه وأراد أن يكسب الوقت ويفرض وقائع جديدة لصالحه وأراد أن يستثمر في واقع ما بعد عقد اتفقات مرحلية ومن قبل أن يلتزم بشروط هذه الاتفاقات ولو بحدّها الأدنى خاصة في المجال الأمني، وهنا مكمن الخطر إذ أن هناك أشياء سيادية لا تعطى أبدا، ومن وافق على أن يقدّم شيئا منها، فقد وافق ضمنا على المزيد من التنازلات وكان قابلا للمزيد من الضغط الذي يصبّ في النهاية في صالح نقيضه، فإذا كان هذا الامر محظورا مبدئيا وبشكل دائم فكيف نبدي استعدادا بتقديمه وحتى نحن في مرحلة انتقالية وقبل أن يفي الطرف الاخر بالتزاماته معنا؟ والتي أخطرها تقديم معلومات أمنية تخدم أمنه وقد سمّيت ظلما وزورا بالتنسيق وهي في الحقيقة تسليم معلومات وليس بعد هذا التنازل من تنازل.

ونفس الكلام يقال في التطبيع فكيف يقبل بعض العرب بالتطبيع بينما الحق العربي الفلسطيني ما زال في بطنهم ولم يفعلوا شيئا بخصوص إعادة هذه الحقوق المسلوبة، فهل التطبيع عربون محبة على قاعدة: " بوس الكلب من ثمه حتى توخذ حاجتك منه"، للأسف تعلق بها البعض كمن يتعلّق بحبال الهوى وثبت فيما بعد أن هذا العدو ليس كلبا لتنفع معه بوسة الفم وإنما هم عدو شرس جشع لا يعرف الا كيف يسطو على حقوق الاخرين وليس في قاموسه ما يعطي أبدا خاصة وهو يرى من يقف أمامه مستجديا ينتظر الفتات.  

أما عن تجفيف ينابيع الإرهاب! فهذا مصطلح خرج بعد اجتماع لوزراء داخلية لعدة دول عربية شارك معهم وزير الداخلية الإسرائيلي في تسعينات القرن الماضي، وكان من توصياتهم تجفيف ينابيع الحركات الإرهابية وطبعا كان المقصود في حينها ان تشمل حركات المقاومة التي تقاوم المحتل، أما وقد وصلنا الى خطورة التنسيق والتطبيع فعلينا اعادة النظر في مقررات مؤتمر تجفيف الينابيع هذه والتي تحوّلت الى ممارسات ومطاردات ساخنة لكل متطلبات وينابيع المقاومة بالفعل.

فإذا كنّا جادّين بالفعل فلنر رفع القبضة الامنية عن المساجد ورفع الحظر عن الدعاة الممنوعين من الوعظ والخطابة، والتوقّف عن تفعيل البنوك والمصارف في المراقبة الصارمة لكل صادر أو وارد، لنفتح مؤسسات أغلقت تحت هذا العنوان: تجفيف الينابيع ، لنعيد كل من يعمل لنشر وترسيخ ثقافة المقاومة وزرع روح الانتصار فينا، بدل تلك التي عملت على ثقافة التطبيع وقبول الاخر الذي لا يقبلك ويعمل على موتك ولا يريد منك سوى الاسترخاء وفكّ عرى المقاومة والاستسلام لإرادة الأعداء. 

وهذه بالمناسبة من الممكن أن تتحوّل الى ورقة قوّة بيد من يملك القرار ان أحسن استخدامها.

لقد بات المطلوب إن كنا جادّين وصادقين أن نعيد للقضية وهجها وأن نعيد للإرادة الحرّة فعلها وأن نحرّض المؤمنين بالقضية على نصرها بكل ما أوتوا من قوة وأن نكفّر عن تلك الأيام التي خدعونا فيها وقالوا أن هكذا عدوّ قد ينفع معه الحوار والتفاوض وعقد الاتفاقات.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علو ورفع الهمةج2

خطبة الجمعة علو الهمة 2

ليل غزة الفسفوري ..مدونة وليد الهودلي

  حين يكتب الهودلي لغزة تحت نيران الغزاة، فإنه يتطهر بالرصاص   المصبوب  كانت روحه هناك تتمثل أصوات القصف على قلوب الأطفال  كان يريد أن يرفع كفيه إلى سماء غزة ليكف شر المغيرين، طائراتهم المعبأة بالحقد والبترول العربي كانت تشق سماء المعتقل في بئر السبع، قبل توغلها وتغوّلها على ليل غزة، القلم يكتب والشفاه تتمتم بالدعاء  والله - سبحانه - يستجيب لقلب لا يكفّ عن الوجيب حدث ذلك عام 2008  .    اضغط هنا

الشيخ أحمد ياسين :شيخ الدعوة وشيخ السياسة ..

الشهيدالشيخ احمد ياسين            هناك من يتقن الدعوة والتنظير الى الفكرة التي يؤمن بها ولكنه في معترك الواقع والولوج الى ميدان فن الممكن والسياسة وفق تقديراتها ومآلاتها وتقدير مصالح الناس وامكانات الوصول للاهداف واحالة الشعار الى حلول ونجاحات يجد نفسه في عالم أخر لا يتقن فنونه ، اطلاق الشعار لا يحتاج الا الى مهارة لغوية سجعية وصوت رنان ، بينما احالته الى أن يصبح واقعا ملموسا فيحتاج الى قيادة رشيدة حكيمة ذات خبرة غزيرة وتأهيل عال ، تجيد رسم الخطط والبرامج وقادرة على تسخير الامكانات وتوظيف القدرات والمثابرة والجلد ... الخ . كيف بنا اذا كانت المبادىء المطروحة والشعارات كبيرة لأنها سماوية تريد إقامة رسالة السماء في الارض في ظروف وملابسات قاسية وبالغة التعقيد ؟؟ واذا نظرنا الى معادلة الدين والسياسة فهناك من يملك ناصية العلم والفقه الديني العميق ، ولكن هذا غير كاف إذ لا بد من أن يكون رصيده واسعا في فهم الواقع وفك رموز تعقيداته والقدرة على التوصيف والتحليل والوصول الى التشخيص الموضوعي الصحيح   ، ثم بعد ذلك تأتي القدرة على تفعيل النص الديني في الواقع بطريق...