التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نسخة أمريكية جديدة لرواية مزرعة الحيوانات؟! ( نبضات ساخنة 350 )


نسخة أمريكية جديدة لرواية مزرعة الحيوانات؟!

تطبيقات قصة مزرعة الحيوانات لجورج اورويل ما زالت فعّالة بامتياز، فما يحدث في الولايات المتحدة اليوم ما هو الا حلقة مثيرة من حلقات هذه الرواية، هذه القصة تروي حكاية سرقة الثورة من قبل الخنازير، وهناك اليوم من يسرق الديمقراطية ويسرق الدولة والمؤسسة وقيم الحرية وقيم العدالة ومكتسبات نضالات الشعوب التي دفعت ثما باهظا من أجل الوصول اليها.

ترامب والإدارة الامريكية المتعاقبة لعبت دور الخنزير في مزرعة اورويل، بنسب متفاوتة كلّ كان له دور في الاعتداء على الطبقات المسحوقة داخليا والدول الضعيفة في نظام مزرعتهم الدولي الذي فصّلوه على مقاس جشعهم ومآربهم الامبريالية.

وعندما تتحلّى بقيم الظلم كافّة وتمارس الطغيان والفجور والغطرسة في علاقاتك الدولية وتصطف دائما حليفا لقوى الشرّ، تماما كما تفعل أمريكا في عدائها المطلق للحقوق الفلسطينية واصطفافها غير المسبوق مع دولة احتلال وتمارس كل صنوف العدوان والبطش وقهر الناس، الذي يحمل في صدره هذه الاختلال في الميزان لا بدّ وأن تعاني منه شعوبه من ذات القيم المنحرفة التي تشرّبتها روحه وهو يمارس شرّه مع الشعوب التي يفرض سيطرته عليها.

 وهذا بالفعل ما حلّ في أمريكا، يداهم شعبها مشهدا يعكس صورة الوحش المفترس بطريقة فظّة صادمة، كل الظلم المتراكم وحالة الاستعباد والعجرفة التي يمارسها رجل الحكم الفاسد تجسّدت وتكثّفت بصورة واحدة، في غاية البشاعة قتل شرطي أبيض رجل أسود وهو يتوسّل إليه، وهذه الصورة تلخّص مشهد الاستعباد السياسي والاجتماعي في ذاك المجتمع، تماما كما جاءت صورة محمد الدرة عندما قتله جنود الاحتلال بدم بارد وهو يحتمي بأبيه .

والمشكلة الأساسية عندما تسرق الخنازير الثورة والدولة وقيم الديمقراطية والحرّية ثم تعيد تشكيلها وإخراجها على طريقتها ، هي في البداية تقود الجماهير والثورة ثم تغرق في السلطة وممارسة النفوذ والسطوة ، وعندما لا تجد ما يضع حدا للوصوليين والانتهازيين فإنك تتيح الفرصة لمن يملك المال أن يتحكّم بالاعلام وتوجيه الراي العام وتجاوز صندوق الانتخاب بنجاح والوصول الى أن يتقلّد مقاليد الأمور أكثر الناس مالا وجهلا وسفاهة كما هو الحال مع ترمب، فالكل يعلم أن الذي نجّحه المال واللوبي الصهيوني والقدرة العالية على خداع الناخب الأمريكي، هي قاعدة الأكثر قدرة على الخداع والمراوغة هو الذي يتحكّم بنتائج صناديق الانتخاب.

إننا نجد أنفسنا أماما مزرعة جورج اورويل بكل تفاصيلها ولو قُدّر لنا إعادة كتابة الرواية من جديد لاستفدنا من تجربة الامبريالية الامريكية المعاصرة أيما استفادة فقد أضافوا فصولا مأساوية جديدة وتجاوزوا حدود الخيال الذي تمتّع به اورويل.         

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علو ورفع الهمةج2

خطبة الجمعة علو الهمة 2

ليل غزة الفسفوري ..مدونة وليد الهودلي

  حين يكتب الهودلي لغزة تحت نيران الغزاة، فإنه يتطهر بالرصاص   المصبوب  كانت روحه هناك تتمثل أصوات القصف على قلوب الأطفال  كان يريد أن يرفع كفيه إلى سماء غزة ليكف شر المغيرين، طائراتهم المعبأة بالحقد والبترول العربي كانت تشق سماء المعتقل في بئر السبع، قبل توغلها وتغوّلها على ليل غزة، القلم يكتب والشفاه تتمتم بالدعاء  والله - سبحانه - يستجيب لقلب لا يكفّ عن الوجيب حدث ذلك عام 2008  .    اضغط هنا

الشيخ أحمد ياسين :شيخ الدعوة وشيخ السياسة ..

الشهيدالشيخ احمد ياسين            هناك من يتقن الدعوة والتنظير الى الفكرة التي يؤمن بها ولكنه في معترك الواقع والولوج الى ميدان فن الممكن والسياسة وفق تقديراتها ومآلاتها وتقدير مصالح الناس وامكانات الوصول للاهداف واحالة الشعار الى حلول ونجاحات يجد نفسه في عالم أخر لا يتقن فنونه ، اطلاق الشعار لا يحتاج الا الى مهارة لغوية سجعية وصوت رنان ، بينما احالته الى أن يصبح واقعا ملموسا فيحتاج الى قيادة رشيدة حكيمة ذات خبرة غزيرة وتأهيل عال ، تجيد رسم الخطط والبرامج وقادرة على تسخير الامكانات وتوظيف القدرات والمثابرة والجلد ... الخ . كيف بنا اذا كانت المبادىء المطروحة والشعارات كبيرة لأنها سماوية تريد إقامة رسالة السماء في الارض في ظروف وملابسات قاسية وبالغة التعقيد ؟؟ واذا نظرنا الى معادلة الدين والسياسة فهناك من يملك ناصية العلم والفقه الديني العميق ، ولكن هذا غير كاف إذ لا بد من أن يكون رصيده واسعا في فهم الواقع وفك رموز تعقيداته والقدرة على التوصيف والتحليل والوصول الى التشخيص الموضوعي الصحيح   ، ثم بعد ذلك تأتي القدرة على تفعيل النص الديني في الواقع بطريق...