التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تصرّف الاحتلال عندما دخل الحمار المستوطنة!! ( نبضات ساخنة 332 )

ومن قصص يوميات الفلسطيني ما فيها عبر؟!

زرت صديقا لي في قسم الامراض القلبية في المستشفى الاستشاري وكان بجواره مريضا أُصيب بجلطة له قصّة غريبة، قصّها عليّ ابنه الواقف على رأسه:
منذ أن أقيمت مستوطنة عوفر "قدّس الله سرّها" على أرضنا في بلدة عين يبرود وهم جيراننا عنوة وزورا، أبي لا شأن له بالسياسة ولا طاقة له بمقاومة أو أية مواجهة لا من قريب ولا من بعيد، سوى الدعاء وتخزين القهر والغضب في صدره وسياسة رعي الغنم، يغدو ويروح في رعي غنمه التي هي رأس ماله في هذه الحياة، هي وبيته وزريبة الغنم كلّ ما تبقى له من معاني الصمود والوطن. هم يتطاولون في البنيان ويتمدّدون في تزييف الأرض والمكان وتضخيم حجم الزور والبهتان، وهو قائم متشبث في هذه الزاوية التي حشروه فيها ولم يبق إلا أن يحاسبوه على حجم الهواء الذي يتسلّل إليه، ولعلّهم أبقوه جارا ليبقى لأطفالهم وأحفادهم مضربا للمثل عن العربي الذي لا يعرف سوى الغنم بينما هم الاسياد وأصحاب العلم والقلم.
أطلت عليكم وأنتم تنتظرون إجابة السؤال: كيف جُلط جار المستوطنة راعي الغنم؟!
في مساء يوم نحس أضل الحمار الطريق أو لعلّه أحبّ أن يخرج عن السطر بعد أن ملّ روتين الرعي أو أن يغرّد خارج السّرب أو أن يتسكّع في المستوطنة، المهم ساقه قدره ودخل بوابة المستوطنة، أغلقوا عليه واقتادوه إلى رئيسهم حيث خضع للفحص الأمني واستجوبوه وأحالوه للتحقيق، ولمّا ثبتت براءته وعرفوا انه لجارهم العربيّ الراعي، وطبعا حق الجار على الجار قاعدة ذهبية عندهم، لذلك فقد قرّروا الاتي:
تحرير مخالفة بخمسة الاف شيكل بسبب جرأة الحمار وتعدّي حدوده، وارباك الامن والسكينة التي يتمتع بها سكان المستوطنة.
 أمّا السبب المباشر في جلطة صاحبنا فليس هذا فحسب وإنما قرّروا أيضا مصادرة الحمار ونقله الى مكان مجهول لتنفيذ حكم الإعدام وليكون عبرة لكلّ حمير المنطقة.
قلت لراوي القصة: أنظر يا رجل فيما تقول أحدث هذا بالفعل؟ أوصل بهم صلفهم الى هذه الدرجة؟ فأشار إلى أبيه، هذا أبي ليقدّم لك شهادة مشفوعة بالقسم، ثم إن الحمار قد أعدم بلا رجعة، والمخالفة أيضا شهادة مكتوبة.
لم تبدو هذه القصّة غريبة؟ هي قصتنا مع الاحتلال على مرّ زمانه معنا:
 (أن يدخل الحمار المستوطنة حجة كافية لإنزال العقاب علينا.)
 فالمستوطنة هي هذا العقل الصهيوني الفذّ!  والحمار هو كل ما يتشبثون به لانزال عقابهم وجبروتهم وغطرستهم وصلفهم علينا دونما الحاجة الى مبرر أو سبب وجيه. من أين نبدأ ؟
·       عندما يمنع إدخال مستلزمات مواجهة الوباء العالمي فيروس كورونا لشعب فلسطيني محاصر في قطاع غزة ألا يعتبر هذا عقاب على دخول الحمار المستوطنة؟ وماذا يختلف عقل وزيرهم " بينيت " شديد الذكاء! عن المستوطنة؟
·       لماذا وكيف يفكّرون بضمّ الاغوار وأجزاء من الضفة، أهناك حمار تسلّل ودخل المستوطنة؟
·        ولو عدنا إلى أصل القضية والنكبة عندما استغّلت الحركة الصهيونية فرصة تاريخية فوظفت اليهود والديانة اليهودية لتقيم لهم دولة في قلب عالم معاد لهم، أية فكرة جهّنمية انتحارية قادتهم لهذا المشروع؟ هل دخل الحمار ديارهم أم عقولهم تلك الايام ليمارسوا كل هذا الاجرام؟ هل يخرجون من المحرقة في المانيا ليقيموا لهم ما يقودهم الى محرقة جديدة في فلسطين؟
·       وبعد أن أقاموا مشروعهم الاستيطاني الإحلالي دخل الحمار هذه المستوطنة كثيرا، عندما تجرأوا على القدس مع حليفهم الأمريكي، التدنيس المستمر للمسجد الأقصى كنتيجة واضحة لدخول الحمار المستوطنة، ما يفعلونه مع المعتقلين من إجراءات قمعية متواصلة وهنا عدّد ولا حرج والتي كان آخرها إبقائهم مكشوفي الحماية من الكورونا دون أية إجراءات وقائية أو احترازية.
وسيبقى الاحتلال يتصرّف على مواصفاته ومقاييسه الفريدة التي لن تجد في العالم مثيلا لها.
ومن فوائد جرأة هذا الحمار أنه يكشف طبيعة العقل الذي يدير المستوطنة.    
             

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجرائم الإلكترونية: مسرحية دوت كوم ج (1)

مسرحية دوت كم.            مسرحية  من تأليف الاديب وليد الهودلي وبالتعاون بين مدرسة عزيز شاهين رام الله ومركز بيت المقدس للأدب وشرطة رام الله بتمويل من المؤسسة الالمانية حيث تم تدريب عدد من الطالبات  المسرحية تدور حول الجرائم الالكترونية التي يقع فيها كثير من ابناءنا وبناتنا تحت الابتزاز بعد جرهم لمربع يخجلون من فضحه 

مسرحية دوت كم ج٣

  مسرحية دوت كم.       مسرحية قام بتأديتها عدد من طالبات بنات مدرسة عزيز شاهين في رام الله فلسطين بهدف التوعية من الوقوع في الابتزاز الالكتروني 

#حتى_نكون_أمناء_مع_أسرانا .. .... لنعرف_ماذا_يريدون_منا_؟

لنكون امناء مع اسرانا يجدر بنا بداية ان نعاين جيدا صنوف العذاب التي طالت ريعان شباب اسرى شاخوا في السجن ، قضوا عدة عقود . وهذه لا يجدر بنا ان نمر بها مرور الكرام إذ يوم في السجن كالف مما نعد خارجه ، أسرانا وأسيراتنا في مواجهة تدمي القلوب والارواح على مدار الاربع وعشرين ساعة ، ظهورهم مكشوفة أمام سياط السجان ، يفاجئهم بلسعها في اية لحظة تتحرك فيها ساديته ، ياتيهم التفتيش في الهزع الاخير من الليل كانه الموت ينقض على أرواحهم ، يجرب أدوية صناع أدويتهم على الاسرى المرضى كأنهم مختبر تجارب ، يلقي في عزله قامات شامخة من أبطال فلسطين ، يلقي بظلامه القاتل على ارواح أسيراتنا النضرة دونما لحظة رحمة ، أطفالنا يرتعبون من خشخشة مفاتيح زنازينهم ، يترقبون موتا ياتيهم من كل مكان ، السجون اصبحت اقفاصا وزنازين وبوسطات الموت المحملة بأعز الناس وزنازين القهر وافراغ السادية المطلقة ، وعازفة الموت مدفن الاحياء سجن الرملة حيث انتشار المرض والتدريب على التعايش معه بعد تبدد أمل الشفاء في غيومهم الملبدة . وفي يوم الاسير تكثر الوقفات والكلمات وتلتهب المشاعر ويُصدح بالشعارات في المسيرات والاعتصامات ...