التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكورونا والمؤامرة ؟! ( نبضات ساخنة 322 )

الكورونا والمؤامرة ؟!

مرّ على الفكر العربي فترة يردّ الامر على المؤامرة ويعلّق كل مآسينا على الاستعمار وقوى الامبريالية العالمية والبحث عن شمّاعة يعلق عليها كلّ ما يصيبنا، ثم بعد ذلك أتت صحوة فكرية تردّ الامر (كردّة فعل) على عوامل داخلية وتهزأ من عقلية المؤامرة هذه. وكأن المتآمرون قد تابوا عن أفاعيلهم وأصبحوا لا ينشدون الا عمارة الكون وصلاح البشرية ونشر العدالة والديمقراطية بين كل شعوب الأرض.

نحن اذا امام نفي المؤامرة وتعليق الامر على العوامل الداخلية فقط أو اثباتها واعفاء أنفسنا من عناء البحث وكفى الله المؤمنين شرّ القتال؟؟ أم أن هناك خيار ثالث؟!

والناظر الى السياسة الامريكية بالتحديد (وعلى سبيل المثال لا الحصر لانه الأكثر وضوحا) يرى أنها بكل وضوح غارقة في الميكافيلية أيّ أنها تسير نحو أهدافها وغاياتها على مبدأ الغاية تبرّر الوسيلة فلا يهمّها من أجل تحقيق مصالحها الانتباه الى الاخلاق أو استخدام الوسائل الشريفة وترك الوسائل غير الشريفة لتحقيق مصالحها بل بالعكس تماما لا تجد رائحة الاخلاق فيها البتّة، لا تنظر الى الأمور ولا تقيم أفعالها الا من زاوية مصالحها ، وممكن رصد أيضا مصالح الفريق المسيطر على مفاصل مصالحهم الضيقة في مشهد من يصنع القرار هناك، أي ليست مصلحة الدولة وانما مصالح جهات متنفذين في هذه الدولة. وهذا واضح في تحقيق مصالح ترامب وفريقه على حساب كل شيء بما فيها حسابات المصالح العامة للشعب الأمريكي.

لذلك فإن من ينفي وجود المؤامرة كأنه يثبت أن الاخلاق والقيم هي مربط الفرس في سياساتهم وينزههم عن الظلم والفساد والطغيان والذي هو أوضح من وضوح الشمس رابعة النهار، مثال على ذلك انحيازهم التام لدولة احتلال لا يختلف اثنان انها قامت على الاحتلال والاستيطان والعدوان. وقد جاء ترامب بقرارات لا تبقي لاحد الهروب من هذا المشهد واضح العيان.

اذا المؤامرة موجودة ولكن السؤال الأهم والذي يقودنا الى الخيار الصحيح : هل لدينا نحن قابلية المؤامرة ، وكيف نتعامل مع من يتآمر علينا ؟ هنا نذهب الى البحث عن العوامل الداخلية وقوة تحصين الذات، فالشيطان تآمر على آدم عليه السلام وسعى لإخراجه من الجنة ولكن أدم وحواء عندما وقفا وقفة مراجعة لم يذكرا الشيطان وانما " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا" أي ارجعا الامر الى العوامل الداخلية وقابلية المؤامرة لديهما.

نصل الى أن المؤامرة موجودة ولا تتوقف وهي غير مستبعدة أبدا ففي السياسة العالمية في هذا الزمان لا أخلاق في السياسة، لماذا ننزّه أمريكا عن هذا الفعل في نشر الكورونا في الصين؟ صحيح أننا مطالبون بالدليل ولكن تبقى احتمالية الامر قائمة ، ما فعلته الصين من تدابير صحية لمعافاة جبهتها الداخلية وما تفعله من تقوية دعائم حكمها واقتصادها وهو من منظور هذه المعادلة التي تجمع بين الامرين: احتمالية المؤامرة واردة وفي نفس الوقت لا بدّ من الاعتماد على العوامل الداخلية لانه أفضل الرد على من يتآمر علينا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علو ورفع الهمةج2

خطبة الجمعة علو الهمة 2

ليل غزة الفسفوري ..مدونة وليد الهودلي

  حين يكتب الهودلي لغزة تحت نيران الغزاة، فإنه يتطهر بالرصاص   المصبوب  كانت روحه هناك تتمثل أصوات القصف على قلوب الأطفال  كان يريد أن يرفع كفيه إلى سماء غزة ليكف شر المغيرين، طائراتهم المعبأة بالحقد والبترول العربي كانت تشق سماء المعتقل في بئر السبع، قبل توغلها وتغوّلها على ليل غزة، القلم يكتب والشفاه تتمتم بالدعاء  والله - سبحانه - يستجيب لقلب لا يكفّ عن الوجيب حدث ذلك عام 2008  .    اضغط هنا

الشيخ أحمد ياسين :شيخ الدعوة وشيخ السياسة ..

الشهيدالشيخ احمد ياسين            هناك من يتقن الدعوة والتنظير الى الفكرة التي يؤمن بها ولكنه في معترك الواقع والولوج الى ميدان فن الممكن والسياسة وفق تقديراتها ومآلاتها وتقدير مصالح الناس وامكانات الوصول للاهداف واحالة الشعار الى حلول ونجاحات يجد نفسه في عالم أخر لا يتقن فنونه ، اطلاق الشعار لا يحتاج الا الى مهارة لغوية سجعية وصوت رنان ، بينما احالته الى أن يصبح واقعا ملموسا فيحتاج الى قيادة رشيدة حكيمة ذات خبرة غزيرة وتأهيل عال ، تجيد رسم الخطط والبرامج وقادرة على تسخير الامكانات وتوظيف القدرات والمثابرة والجلد ... الخ . كيف بنا اذا كانت المبادىء المطروحة والشعارات كبيرة لأنها سماوية تريد إقامة رسالة السماء في الارض في ظروف وملابسات قاسية وبالغة التعقيد ؟؟ واذا نظرنا الى معادلة الدين والسياسة فهناك من يملك ناصية العلم والفقه الديني العميق ، ولكن هذا غير كاف إذ لا بد من أن يكون رصيده واسعا في فهم الواقع وفك رموز تعقيداته والقدرة على التوصيف والتحليل والوصول الى التشخيص الموضوعي الصحيح   ، ثم بعد ذلك تأتي القدرة على تفعيل النص الديني في الواقع بطريق...