التخطي إلى المحتوى الرئيسي

النت وبناء الذات الثورية ؟؟َََ!! ..مدونة الاديب وليد الهودلي

#النت_وبناء_الذات_الثورية ؟!     

الكل يشكو هذه الايام من حالة الذوبان الشاملة والطاغية لابنائنا في عوالم النت ، والذي يشكو أيضا قد شرب من نفس الكأس وساح مع السائحين ، أصبحنا وابناؤنا نتمتع بخاصية : "سريع الذوبان" كتلك المواد التي يذيبونها بسرعة ولو بواسطة مواد مذيبة مسرطنة .
لا بدّ من دق ناقوس الخطر والمواجهة التربوية الجادّة أمام ما يجري على هذه الشاشة الفاتنة ، تُحدث في النفس ما يشبه السحر ، تشدك اليها وتأخذك في أحضانها وتدخلك عالما كبيرا واسعا متنوعا يقول لك : شبيك لبيك عبدك بين يديك ، ولكن سرعان ما يسلب ارادتك ويبسط نفوذه على مواقع السيادة في شخصيتك فتتحول سريعا الى أن تكون عبدا له ، ينقلب السحر على الساحر واذا بك انت تقول له : شبيك لبيك عبدك بين يديك .. وهذا للكبير قبل الصغير شيبة وشبانا وأطفالا .
يأخذك وانت مذعن خاشع الى حيث يريد ، صحيح ان لك هامش وهمي من الاختيار لكن الطبخة تأتيك جاهزة على أيدي طباخين مهرة يعرفون كيف يُطعم الفم فيستحي العقل والفؤاد ، وهم بذلك يتجاوزون الفم فلم تعد الحاجة اليه فطريق العبور الى منابع التاثير ودوائر صنع القرار ميسرة ومفتوحة ، فضولك وحده وشغف الوصول الى المتعة والاثارة يدفعان باحدنا لنسيان الوقت وخربشة الاولويات ونسيان الواجبات ، وشيئا فشيئا نصل الى الادمان وفقدان السيطرة على الذات والتحول من انسان العمل والمثابرة والمبادرة الى انسان العجز والكسل واللامبالاة القاتلة لكل ما هو خير ونافع للحياة .
ولا نستغرب اذا استمر الحال ومع اتساع افق الاثارة وابداعات سباق التسلح بكل ما هو قادر على اختراق ما تبقى في النفوس من روح ايجابية ، أن نصل الى السيطرة النفسية الكاملة على أمزجة وأهواء واهتمامات وارادات وعزائم وتوجهات الجيل لقادم ، ستضعف الى ابعد درجة ممكنة كل الاهتمامات الاصيلة : الانتماء للوطن وقيمه وديننا وتاريخنا وكل ما يشكل هويتنا الثقافية الاصيلة ، سيصبح جيلا لا هم له الا الاثارة والمتعة والعيش على هوامش الاخرين ، وقد بدأنا نلمس بدايات هذه النتائج المريعة وبات كل الاباء والامهات وكل من يعمل في السلك التربوي يشكو من هذا الاعصار المدمر الذي يداهم أبناءنا ونحن متفرجون لا حول لنا ولا قوة .
لغاية الان لم أسمع عن مدارسة تربوية جدية لوضع معالجات ترتقي لمستوى هذا التوسوماني الذي داهم شواطئنا وسحب منا أبناءنا ، هناك محاولات تربوية خجولة متواضعة من محاضرات وندوات توعية ، اجتهدنا مثلا بانتاج مسرحي سيتم تعميمه على المدارس تناول مخاطر النت ، ولكن هذا قطرة في بحر .
لا يمكن ان نواجه خطرا بهذا الحجم المدمر الا بجهود جماعية متخصصة وبطرق منهجية تضع يدها على الجرح النازف ثم ترسي قواعد تربوية متينة تحصن نفوس أبنائنا وتزرع القدرة الذاتية على المواجهة وتثبيت البوصلة التي توصل الى شاطىء الامان ، هنا لا بد من اعادة النظر في مناهجنا التعليمية االتي تقوم على التلقين والتعليم غالبا ، وطرح هذا السؤال : لماذا لم تنتج هذه المناهج الشخصية القادرة على المواجهة والمقاومة والانتصار على كل ما هو ضارّ ومدمّر ؟؟ خاصة واننا في عالم ابوابه مفتوحة علينا على مصراعيها وفي ظل احتلال متربص وعوامل هدم داخلية ايضا لا نحسد عليها ..
هنا لا بد لنا أن نعود الى عملية بناء الذات ولا بد أن نذكر أن ذاتنا نحن الفلسطينية بالتحديد ، لا بدّ وأن تكون ذاتا ثورية بامتياز والا ذابت وضاعت ولم تقو على المواجهة ، لا بد من بناء عقيدة قتالية ذات قدرة عالية على الصمود والتحدي أولا . ثم لا بد من أن تمتلك هذه الشخصية انتماءا عاليا لقضيتها المركزية : القدس وفلسطين وتشكيل النقيض التام مع المحتل . بعد ذلك لا بد من زراعة مهارات في نفوس أبناء هذا الشعب الذي ارتبط مصيره بالاشتباك الدائم مع المحتل مثل : مهارة ترتيب الاولويات وتعظيم الواجبات ، مهارة ادارة الوقت ، مهارة القراءة وطلب العلم ، مهارة القيم واخلاقيات النضال والتحرير .... الخ .
تحدي النت هذه الايام أعادنا الى التحدي الاساس إما أن نكون أحرارا وسادة نرفض ان نكون عبيدا وبالتالي يكون لنا مكان على الخريطة ونكون الرقم الصعب في المنطقة بدل أن نكون رعاعا في عالم وهمي لا رصيد لنا ولا مكان في هذا العالم الذي لا يرحم الضعفاء .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجرائم الإلكترونية: مسرحية دوت كوم ج (1)

مسرحية دوت كم.            مسرحية  من تأليف الاديب وليد الهودلي وبالتعاون بين مدرسة عزيز شاهين رام الله ومركز بيت المقدس للأدب وشرطة رام الله بتمويل من المؤسسة الالمانية حيث تم تدريب عدد من الطالبات  المسرحية تدور حول الجرائم الالكترونية التي يقع فيها كثير من ابناءنا وبناتنا تحت الابتزاز بعد جرهم لمربع يخجلون من فضحه 

مسرحية دوت كم ج٣

  مسرحية دوت كم.       مسرحية قام بتأديتها عدد من طالبات بنات مدرسة عزيز شاهين في رام الله فلسطين بهدف التوعية من الوقوع في الابتزاز الالكتروني 

#حتى_نكون_أمناء_مع_أسرانا .. .... لنعرف_ماذا_يريدون_منا_؟

لنكون امناء مع اسرانا يجدر بنا بداية ان نعاين جيدا صنوف العذاب التي طالت ريعان شباب اسرى شاخوا في السجن ، قضوا عدة عقود . وهذه لا يجدر بنا ان نمر بها مرور الكرام إذ يوم في السجن كالف مما نعد خارجه ، أسرانا وأسيراتنا في مواجهة تدمي القلوب والارواح على مدار الاربع وعشرين ساعة ، ظهورهم مكشوفة أمام سياط السجان ، يفاجئهم بلسعها في اية لحظة تتحرك فيها ساديته ، ياتيهم التفتيش في الهزع الاخير من الليل كانه الموت ينقض على أرواحهم ، يجرب أدوية صناع أدويتهم على الاسرى المرضى كأنهم مختبر تجارب ، يلقي في عزله قامات شامخة من أبطال فلسطين ، يلقي بظلامه القاتل على ارواح أسيراتنا النضرة دونما لحظة رحمة ، أطفالنا يرتعبون من خشخشة مفاتيح زنازينهم ، يترقبون موتا ياتيهم من كل مكان ، السجون اصبحت اقفاصا وزنازين وبوسطات الموت المحملة بأعز الناس وزنازين القهر وافراغ السادية المطلقة ، وعازفة الموت مدفن الاحياء سجن الرملة حيث انتشار المرض والتدريب على التعايش معه بعد تبدد أمل الشفاء في غيومهم الملبدة . وفي يوم الاسير تكثر الوقفات والكلمات وتلتهب المشاعر ويُصدح بالشعارات في المسيرات والاعتصامات ...