التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ام #عاصف_البرغوثي_حكاية_النصر للحاضر والجيل القادم ؟ّ !

ام عاصف البرغوثي

عندما تغرق الشمس في البحر ونرى كيف يلتهم البحر كل هذا النور الذي ملأ ما بين المشرق والمغرب ندرك قسوة هذه الظلمات التي لا تبقي ولا تذر ، ام عاصف شمس أغرقوها في ظلامهم أسدلوا عليها كل ستائرهم ، خرج قلبها من صدرها وعصفت بهم من خفقاته عاصفة اجتاحت كل تفاصيلهم . لم تواجه الاعتقال من قبل ولكنها كانت تغرق بكل تفاصيله ، صبرت صبرا جميلا فراق الزوج الطويل وعلى فترات متعاقبة ، ثم فراق الولد الذي لوّع قلبها طويلا . لم تكن المسالة سهلة : تفرغ من زيارة الزوج بعد صبر عقود مديدة ذاق فيها الامرين على بوابات السجون السوداء ومعاملاتم النكدة ثم تبدأ من جديد مع ولدها عاصم ، باختصار كانت من مسافري سفينة مرمرة التي استمرت فيها قرابة ثلاثة عقود ، ثم كان لقلبها أن تسافر مع ولدها عاصم كما كانت مع زوجها .
وينطلق الرصاص الاسود ليصيب فلذة كبدها صالح ، هذا القرة عين لها ، المصدر الاعظم لسعادتها يلتهمه غول الاحتلال ويلقي به جسدا بلا روح .. بين عشية وضحاها تفتقد روح روحها وتظلم الدنيا في وجهها ، هذه المرة ألقى الاحتلال بكل ثقله اللعين على روحها ، اطلق كل أحقاده دفعة واحدة ،فتح مخازن ذخيرته وصب رصاصه فوق راسها ، لم يكتف بقتل حبيب روحها واعتقال زوجها بل جاء على العائلة كلها ، تناوشها من كل أركانها ، يا الهي مصيبة واحدة من هذه تكاد لا تطاق ، كيف بكل هذه المصائب : اعتقال كل الابناء بالاضافة الى من استشهد واعتقلت جثته ، لم يتبق أحد ليفتح البيت للناس المواسين والمؤازرين ، وتأتي أخبار اعتقال عاصم الذي كوى وعيهم وأثبت ان الفلسطيني هو الاعلى بكل حالاته .
جاء دورها بالاعتقال ليثبتوا مرة ثانية أنهم أبدا لن يكونوا في يوم من الايام مهما بلغت قوتهم انهم الاعلى ، لا يتوقف اجتياحهم لهذه العائلة العظيمة ليصلوا الى مصنع الرجال ، الى الام التي أرضعت الابطال ، لاول مرة يصغر هذا الكيان ليصل الى حشرة لا وزن لها ولا قيمة ، أصغر من ذبابة أمام صبر امرأة فلسطينية رأسها شامخ في السماء وأصلها ثابت في هذه الارض المباركة ، ترتجف لها أوصالهم وترتمي قلوبهم تحت أقدامها .. ابتسامتها الجبارة رغم كل ما حدث تضيء زنازينهم بنور وجهها وتشعل النار في قلبوهم .
هم فقط يتفنّنون في صنوف العذاب ومرمرة هذه المرأة المنكوبة ، يعملون ما يليق بأحقادهم وهي تدق مسامير في نعش جنازتهم فقط بابتسامة صبورة ونظرة ترسل من خلالها مشهد نهايتهم .
ام عاصف حكاية للحاضر والجيل القادم ، ام عاصف تشكل روحا فلسطينية خالدة تنزرع في قلب كل من سمع بها . ام عاصف خنساء متجددة تلد لهم الف خنساء قادمة ، من شذى قلبها تنتشر روح الانتصار فينا وتنتفض ارادات الرجال القادمة على بساط رياح النصر القادمة ، لن يستسلم شعب فيه ام عاصف وفيه مثل هذا العائلة المجاهدة المثابرة ، فيها نائل وعمر وعاصم وروح الشهيد صالح الذي لا يموت أبدا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علو ورفع الهمةج2

خطبة الجمعة علو الهمة 2

ليل غزة الفسفوري ..مدونة وليد الهودلي

  حين يكتب الهودلي لغزة تحت نيران الغزاة، فإنه يتطهر بالرصاص   المصبوب  كانت روحه هناك تتمثل أصوات القصف على قلوب الأطفال  كان يريد أن يرفع كفيه إلى سماء غزة ليكف شر المغيرين، طائراتهم المعبأة بالحقد والبترول العربي كانت تشق سماء المعتقل في بئر السبع، قبل توغلها وتغوّلها على ليل غزة، القلم يكتب والشفاه تتمتم بالدعاء  والله - سبحانه - يستجيب لقلب لا يكفّ عن الوجيب حدث ذلك عام 2008  .    اضغط هنا

الشيخ أحمد ياسين :شيخ الدعوة وشيخ السياسة ..

الشهيدالشيخ احمد ياسين            هناك من يتقن الدعوة والتنظير الى الفكرة التي يؤمن بها ولكنه في معترك الواقع والولوج الى ميدان فن الممكن والسياسة وفق تقديراتها ومآلاتها وتقدير مصالح الناس وامكانات الوصول للاهداف واحالة الشعار الى حلول ونجاحات يجد نفسه في عالم أخر لا يتقن فنونه ، اطلاق الشعار لا يحتاج الا الى مهارة لغوية سجعية وصوت رنان ، بينما احالته الى أن يصبح واقعا ملموسا فيحتاج الى قيادة رشيدة حكيمة ذات خبرة غزيرة وتأهيل عال ، تجيد رسم الخطط والبرامج وقادرة على تسخير الامكانات وتوظيف القدرات والمثابرة والجلد ... الخ . كيف بنا اذا كانت المبادىء المطروحة والشعارات كبيرة لأنها سماوية تريد إقامة رسالة السماء في الارض في ظروف وملابسات قاسية وبالغة التعقيد ؟؟ واذا نظرنا الى معادلة الدين والسياسة فهناك من يملك ناصية العلم والفقه الديني العميق ، ولكن هذا غير كاف إذ لا بد من أن يكون رصيده واسعا في فهم الواقع وفك رموز تعقيداته والقدرة على التوصيف والتحليل والوصول الى التشخيص الموضوعي الصحيح   ، ثم بعد ذلك تأتي القدرة على تفعيل النص الديني في الواقع بطريق...