التخطي إلى المحتوى الرئيسي

#الهجرة_الى_السيادة_والسياسة ؟!

الهجرة الى السيادة

لقد كان الاختيار دليلا قاطعا على أن من أهم أهداف هذا الدين هو تحقيق السيادة السياسية لاتباع هذا الدين ، فلا يمكن أن يبقى أتباعه مستضعفين في الارض يتخطفهم المستكبرون الظالمون . لا يمكن أن يرضى دين السماء بأن يبقى محشورا في زوايا القلب أو في زوايا مسجد بينما سياسة البلد واقتصاد البلد بيد المترفين الفاسدين ، لا يمكن ان يقتصر دوره في عالم المشاعر أو حتى السلوك الذي يهذب الاخلاق ويجعل من النفوس هينة مطواعة لتأتي الذئاب البشرية المفترسة فتسومها سوء العذاب وتطأها بأقدامها ولا ترى فيها الا خدما وعبيدا ونفوسا خانعة . وأن يتنمر عليها حكاما مرتزقة يزيدونها ذلة ومسكنة ويسخرون طاقاتها وثروات بلدانها للمستعمر ولاعداء الامة فقط من أجل حماية عروشها وبقاء حكمها .
ماذا ينتج الدين الاسلامي لاتباعه هذه الايام ؟ هل ينتج سيادة وتمكينا وحرية وكرامة وتنمية وازدهارا ورقيا حضاريا منافسا للاخرين ؟ عندما نرى حاكما يبيع البلد بكل ما فيه وشعبه في المحراب ساجدا وحول الكعبة طائفا ولسانه ذاكرا وعلى الصلاة محافظا ؟ هل هذا هو المنتج الصحيح لهذا الدين ؟
لو لم تحدث الهجرة وبقي محمد صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه مستضعفين في مكة وسلموا بالسيادة السياسية والاقتصادية لابي جهل وابي سفيان ومن كان متحكما بمفاصل الحياة العربية حينذاك ، لو رضي هذا الدين الجديد بهذه السيادة وتنازل عنها لمن كان متصدرا لها ، لو تصالحوا على ذلك ، السياسة لمن كان بحكم واقع تلك الايام اهل لها أو لمن تغلب على البلد وسود نفسه بقوة المخابرات واجهزة الامن والجيش والاعلام المفبرك ، سيبقى اذا اتباع هذا الدين أذلة على الناس ولا شأن لهم ولا مكانة ولا سيادة وستبقى أحوال الناس في ظلم وفساد ومخمصة وضلال ، وستبقى ثروات البلد بأيدي قلة قليلة مترفة بينما السواد الاعظم مسحوقين تحت خط الفقر وفي ظل حالة من الاستعباد الاجتماعية والاقتصادية ، لماذا لأن السيادة والسياسة تم التفريط بها والتنازل عنها .
جاء حدث الهجرة (والذي اعتمد نقطة تحول وبداية للتأريخ الاسلامي من قبل سادة الامة الحقيقين وخير من ترجم هذا الدين ترجمة أمينة الى واقع ملموس ) ليؤكد تأكيدا عمليا بأن الدين الخاتم لكل الديانات السماوية هو دين السياسة والسيادة ولا يمكن أن يسمح لسياسة أو سيادة ان تسوس أو تسود دون ان تنطلق من هذا الدين ودون ان تضع بالحسبان مقاصد هذا الدين وأهدافه في الحياة ، فلا يمكن الفصل بين الدنيا والاخرة أو بين الدين والحياة بمفهومها الشامل أو يُجزّء احكام الحياة :هذا يُحتكم به لله وهذا للبشر ، هي جملة قرانية واحدة " ان الحكم الا لله أمر الا تعبدوا الا اياه " .
فرق شاسع ان نتصور هذا الدين دون حدث الهجرة بكل مدلولاتها العظيمة ، ما بعد الهجرة يختلف كليا عن ما قبل الهجرة ، كانت في مكة فترة بناء وتأسيس لاناس قادرون نفسيا وروحيا وفكريا على بناء دولة وعلى المنافسة الحضارية على مستوى العالم ثم بعد الهجرة كان البناء الجماعي المحكم لهذا الفريق الذي سيدخل النادي العالمي للدول والامبراطوريات التي كانت سائدة في ذاك الزمان ثم يسود عليها ويتقدمها جميعا .
واليوم لنتفكر جيدا في هذه المناسبة : أين نحن على صعيد فردي اولا من البناء النفسي المعنوي والفكري ، هل نشعر بهذا التميز الفريد الذي يبنيه الاسلام في نفوس أبنائه ؟ وعلى صعيد الامة ودورها بين الامم وبعدها أو قربها من السياسة والسيادة التي يزرعها هذا الدين وينميها في واقع الامة ..
ودور الفرد ودور الفريق متكاملان في حياة أمة لا ترضى الدنية في دينها ولا ترضى بالاستضعاف ان يكون دائما في واقعها ومستقبلها ..
#فليبحث_كل_منا_عن_دوره_وموقعه_في_دين_السياسة والسيادة فهذا دوره وهذا نتاجه قادم الايام باذن الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علو ورفع الهمةج2

خطبة الجمعة علو الهمة 2

ليل غزة الفسفوري ..مدونة وليد الهودلي

  حين يكتب الهودلي لغزة تحت نيران الغزاة، فإنه يتطهر بالرصاص   المصبوب  كانت روحه هناك تتمثل أصوات القصف على قلوب الأطفال  كان يريد أن يرفع كفيه إلى سماء غزة ليكف شر المغيرين، طائراتهم المعبأة بالحقد والبترول العربي كانت تشق سماء المعتقل في بئر السبع، قبل توغلها وتغوّلها على ليل غزة، القلم يكتب والشفاه تتمتم بالدعاء  والله - سبحانه - يستجيب لقلب لا يكفّ عن الوجيب حدث ذلك عام 2008  .    اضغط هنا

الشيخ أحمد ياسين :شيخ الدعوة وشيخ السياسة ..

الشهيدالشيخ احمد ياسين            هناك من يتقن الدعوة والتنظير الى الفكرة التي يؤمن بها ولكنه في معترك الواقع والولوج الى ميدان فن الممكن والسياسة وفق تقديراتها ومآلاتها وتقدير مصالح الناس وامكانات الوصول للاهداف واحالة الشعار الى حلول ونجاحات يجد نفسه في عالم أخر لا يتقن فنونه ، اطلاق الشعار لا يحتاج الا الى مهارة لغوية سجعية وصوت رنان ، بينما احالته الى أن يصبح واقعا ملموسا فيحتاج الى قيادة رشيدة حكيمة ذات خبرة غزيرة وتأهيل عال ، تجيد رسم الخطط والبرامج وقادرة على تسخير الامكانات وتوظيف القدرات والمثابرة والجلد ... الخ . كيف بنا اذا كانت المبادىء المطروحة والشعارات كبيرة لأنها سماوية تريد إقامة رسالة السماء في الارض في ظروف وملابسات قاسية وبالغة التعقيد ؟؟ واذا نظرنا الى معادلة الدين والسياسة فهناك من يملك ناصية العلم والفقه الديني العميق ، ولكن هذا غير كاف إذ لا بد من أن يكون رصيده واسعا في فهم الواقع وفك رموز تعقيداته والقدرة على التوصيف والتحليل والوصول الى التشخيص الموضوعي الصحيح   ، ثم بعد ذلك تأتي القدرة على تفعيل النص الديني في الواقع بطريق...