التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاستغفار..مدونة الاديب وليد الهودلي

الاستغفار  

هوالعنوان الذي يرفع هدف تحقيق المغفرة عاليا في حياتنا . بل ويعطيه الاولوية على كل الاهداف الاخرى . الاستغفار يرسخ في الاعماق بأن المغفرة شيء عظيم وفي غاية الاهمية . وهو كذلك جرس انذار مبكر اتجاه كل خلل أو تقصير في أداء أو حتى امام نجاح يأتي بدرجة ليست عالية . فهو رقابة ذاتية لاكتشاف كل هذا ثم التوجه نحو التقويم والتصحيح وهذا يقودنا نحو النماء والتطور والخلاص من حالة التراجع والتخلف .خاصة اذا انتقلنا من حالة الاستغفار الفردي الى الحالة الجماعية والمؤسساتية . وهذا هو مقصود الاية الكريمة التي حثت على الاستغفار الجماعي بما يعني تكريس روح المراقبة والتصويب بالطريقة الجماعية  .
والجميل أن الايات رتبت على هذا الاستغفار الجماعي حالة من النماء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي :( فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) فهل هو نتيجة للاستغفار ككلمة تقال على اللسان أم عندما يكون الاستغفار هو جرس الانذار الذي يشد الانتباه من الاعماق نحو تصويب الاخطاء وتحسين الاداء في كل شئون الحياة : الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وهنا مربط الفرس في الاستغفار عندما يصل السياسة .
من المعروف أن السياسة اعمال للفكر واجتهاد بكل ما يملك السياسي من مبادىء وافكار وخبرات وحسابات للمصالح ومخططات استراتيجية ومرحلية وتكتيكات فنية وتوظيف الامكانيات المتاحة وفق الرؤيا والاهداف ....الخ . كل هذا يجعل من العمل السياسي عرضة للاصابة والخطأ وحتى لا نمعن في اخطائنا ياتي الاستغفار ليفرمل اندفاعنا فيه  ثم يعيدنا الى جادة الصواب : ننتبه اولا للخطأ ثم ننتقل الى عملية التصحيح ثم نصل الى التوبة وبالتالي بكون الخطأ قد تم تعديله واذا كان العمل حسنا نكون قد انتقلنا به من الحسن الى الأحسن .
فالذي يعتقد بعمله أو رأيه السياسي أنه غير قابل للخطأ أو أنه في قمة الصواب ولن تكون هناك قمة أعلى من قمته التي هو فيها  فهو واهم او أنه لم تعتركه الخبرة والتجربة السياسية الحقة  لذلك فان الاستغفار يعيد السياسي الذي يعطي الاستغفار وزنه في حياته الى توازنه فيكون بذلك أوّابا كرجل الدولة  النبي داود عليه السلام اذ وصفه الله بانه كان أوابا أي رجاعا للحق  . الاستغفار من عنده تبدأ العملية التغييرية نحو الافضل .
أقول بكل هدوء : يبدو الحديث عن الاستغفار وعلاقته بالمراقبة الذاتية والتقويم أمرا عجيبا لان الناس اعتادوا على أن يروا دينا بعيدا عن السياسة أو سياسة بعيدة عن الدين . المراقبة للفرد والدولة في الغرب امرا  حيويا وفاعلا ولكن الجديد الذي لدينا باضافة الاستغفار ما هو الا مدا لجسور عميقة في النفس بحيث تصبح العملية جزءا من تدين الفرد والمجموع وتحتل القداسة التي يحتلها الدين .

                                                                                        

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجرائم الإلكترونية: مسرحية دوت كوم ج (1)

مسرحية دوت كم.            مسرحية  من تأليف الاديب وليد الهودلي وبالتعاون بين مدرسة عزيز شاهين رام الله ومركز بيت المقدس للأدب وشرطة رام الله بتمويل من المؤسسة الالمانية حيث تم تدريب عدد من الطالبات  المسرحية تدور حول الجرائم الالكترونية التي يقع فيها كثير من ابناءنا وبناتنا تحت الابتزاز بعد جرهم لمربع يخجلون من فضحه 

مسرحية دوت كم ج٣

  مسرحية دوت كم.       مسرحية قام بتأديتها عدد من طالبات بنات مدرسة عزيز شاهين في رام الله فلسطين بهدف التوعية من الوقوع في الابتزاز الالكتروني 

#حتى_نكون_أمناء_مع_أسرانا .. .... لنعرف_ماذا_يريدون_منا_؟

لنكون امناء مع اسرانا يجدر بنا بداية ان نعاين جيدا صنوف العذاب التي طالت ريعان شباب اسرى شاخوا في السجن ، قضوا عدة عقود . وهذه لا يجدر بنا ان نمر بها مرور الكرام إذ يوم في السجن كالف مما نعد خارجه ، أسرانا وأسيراتنا في مواجهة تدمي القلوب والارواح على مدار الاربع وعشرين ساعة ، ظهورهم مكشوفة أمام سياط السجان ، يفاجئهم بلسعها في اية لحظة تتحرك فيها ساديته ، ياتيهم التفتيش في الهزع الاخير من الليل كانه الموت ينقض على أرواحهم ، يجرب أدوية صناع أدويتهم على الاسرى المرضى كأنهم مختبر تجارب ، يلقي في عزله قامات شامخة من أبطال فلسطين ، يلقي بظلامه القاتل على ارواح أسيراتنا النضرة دونما لحظة رحمة ، أطفالنا يرتعبون من خشخشة مفاتيح زنازينهم ، يترقبون موتا ياتيهم من كل مكان ، السجون اصبحت اقفاصا وزنازين وبوسطات الموت المحملة بأعز الناس وزنازين القهر وافراغ السادية المطلقة ، وعازفة الموت مدفن الاحياء سجن الرملة حيث انتشار المرض والتدريب على التعايش معه بعد تبدد أمل الشفاء في غيومهم الملبدة . وفي يوم الاسير تكثر الوقفات والكلمات وتلتهب المشاعر ويُصدح بالشعارات في المسيرات والاعتصامات ...