التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصعايدة : آخر شهادة من مدفن الاحياء ..

قال ممرض السجن ممتعضا من الأسرى الذين يدعون المرض : 
مريضكم الذي أزعجتمونا به يعاني نفسيا . يتدلل علينا وعليكم .
كان تشخيصا سريعا لحالة الاسير يحيى الناطورفي سجن جنيد سنة 1993 من قبل هذا الممرض الحاقد ومن يقف خلفه من جهاز طبي عفن ومن يقف خلفهم من ..... .
لم يعد يحيى من العيادة .. ساعة .. ساعتين .. ثلاثة .سألنا عن الحكاية .. قالوا ان الحالة تفاقمت .. ألم شديد في الامعاء ... تسرب لنا في المساء ان يحيى في خطر .. في الصباح جاء خبر الشهيد يحيى آخر شاهد على اجرامهم ولكنه لم يكن الاخير ..
تكررت هذه القصة الطويلة جدا في ما تحمل من ألم ومرارة .. والامس جاءت قصة الشهيد شادي الصعايدة .. لا شك بأنهم قتلوه كما قتلوا من قبل غيره :

قتلوه أولا عندما عاملوه كمجرم ولم يعاملوه كأسير حرب . لم يطبقواعليه قوانين جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب على الرغم من أنه تنطبق عليه لأنه أسير حرب بكل معنى الكلمة .

قتلوه ثانيا عندما قرروا سلب كل الاستحقاقات الانسانية وحرموا السجون من ابسط الحقوق . لا أعتقد على سبيل المثال بأن هناك في العالم سجنا يمنع الاهالي من زيارة ذويهم .. ينظر الاسير ليجد نفسه وقد جاءته امه بوجه مصفر قبيل غروب الشمس منهكة القوى وهي تتنقل من حافلة الى أخرى ومن تفتيش الى اخر .. هي فنون المرمرة للأسير بتعذيبه من خلال تعذيب اهله .ثم الاهانات المتعمدة التي تمارس عليهم ليل نهار .. التفتيش العاري ليس لمرتكب جنحة جنائية ولكن لانسان مرهف الحس والمشاعر الانسانية النبيلة .. لانسان جعلته يقدم اعز ما يملك لوطنه .. ضحى بكل شيء من أجل ان يدفع قضية شعبه الى الامام خطوة .  .. وعن العزل حدث ولا حرج  حيث أسلحة دمار نفسي شامل توجه فوهاتها الى الاسير القابع منفردا في زاوية من زوايا زنزانة ضيقة تشاركه الجرذان مساحتها الفسيحة  .

وقتلوه ثالثا عندما ضيقوا عليه الخناق في كل شيء : التهوية التي تكاد تكون معدومة .. التغذية التي لا تساهم في التخفيف من أمراض سوء التغذية .. العلاج المفقود والذي يفتح علينا الحديث عن مدفن الاحياء بشكل حقيقي وضمن شهادات حية:  منها من قضى نحبه ومنها من ما زال يناضل السجن والمرض والقهر والسجان .  

أقول بكل هدوء حيث لا ينفع في مثل هذه الامور الهدوء : في كتاب ( مدفن الاحياء) علقت الجرس من خلال الحديث عن معاناة من ينتظرون الشهادة .. استشهد المريض الاول محمد ابو هدوان .. ثم تتابع الشهداء حتى جاءتنا شهادة شادي الصعايدة .. والان ماذا ننتظر .. وزير الاسرى يطالب بتشكيل لجنة تحقيق ..فلتشكل فورا لجنة محامين للمتابعة القانونية أمام محكمة لاهاي الدولية ولا نتناسى الامر بانتظار ان توقظنا شهادة قادمة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجرائم الإلكترونية: مسرحية دوت كوم ج (1)

مسرحية دوت كم.            مسرحية  من تأليف الاديب وليد الهودلي وبالتعاون بين مدرسة عزيز شاهين رام الله ومركز بيت المقدس للأدب وشرطة رام الله بتمويل من المؤسسة الالمانية حيث تم تدريب عدد من الطالبات  المسرحية تدور حول الجرائم الالكترونية التي يقع فيها كثير من ابناءنا وبناتنا تحت الابتزاز بعد جرهم لمربع يخجلون من فضحه 

مسرحية دوت كم ج٣

  مسرحية دوت كم.       مسرحية قام بتأديتها عدد من طالبات بنات مدرسة عزيز شاهين في رام الله فلسطين بهدف التوعية من الوقوع في الابتزاز الالكتروني 

#حتى_نكون_أمناء_مع_أسرانا .. .... لنعرف_ماذا_يريدون_منا_؟

لنكون امناء مع اسرانا يجدر بنا بداية ان نعاين جيدا صنوف العذاب التي طالت ريعان شباب اسرى شاخوا في السجن ، قضوا عدة عقود . وهذه لا يجدر بنا ان نمر بها مرور الكرام إذ يوم في السجن كالف مما نعد خارجه ، أسرانا وأسيراتنا في مواجهة تدمي القلوب والارواح على مدار الاربع وعشرين ساعة ، ظهورهم مكشوفة أمام سياط السجان ، يفاجئهم بلسعها في اية لحظة تتحرك فيها ساديته ، ياتيهم التفتيش في الهزع الاخير من الليل كانه الموت ينقض على أرواحهم ، يجرب أدوية صناع أدويتهم على الاسرى المرضى كأنهم مختبر تجارب ، يلقي في عزله قامات شامخة من أبطال فلسطين ، يلقي بظلامه القاتل على ارواح أسيراتنا النضرة دونما لحظة رحمة ، أطفالنا يرتعبون من خشخشة مفاتيح زنازينهم ، يترقبون موتا ياتيهم من كل مكان ، السجون اصبحت اقفاصا وزنازين وبوسطات الموت المحملة بأعز الناس وزنازين القهر وافراغ السادية المطلقة ، وعازفة الموت مدفن الاحياء سجن الرملة حيث انتشار المرض والتدريب على التعايش معه بعد تبدد أمل الشفاء في غيومهم الملبدة . وفي يوم الاسير تكثر الوقفات والكلمات وتلتهب المشاعر ويُصدح بالشعارات في المسيرات والاعتصامات ...